“الروّاد الأوائل” بالذاكرة المؤسِّسة لـ مسرح دبي الوطني، وتستحضر سيرة ومسيرة القامات الفنية والثقافية التي وضعت اللبنة الأولى لولادته في العام 1976.
إن هؤلاء الرواد لم يكتفوا بتقديم الفن، بل أسسوا الرؤية الوطنية للمسرح، وكرّسوا جهودهم لإنشاء منبر فني يعكس هوية إمارة دبي الثقافية، ويكون صوتًا لأصالة المجتمع وتطلعاته.
نستلهم من إخلاصهم وتفانيهم قوة الاستمرار، ونجدد عهدنا بحمل الرسالة التي بدأوها قبل عقود، جاعلين من قصصهم منارة تضيء طريق الأجيال المسرحية الصاعدة.
في أحد بيوت فريج الضّغاية المطل على خور دبي، ولدت في 20 أبريل عام 1949 فتاة لم تكن تدرك أن صوت الموج الذي تسمعه كل صباح سيقودها إلى أمواجٍ من نوعٍ آخر؛ أمواج الحياة والراما ، على ضفاف الخليج العربي حيث تختلط رائحة الملح بأصوات الصيادين، كبرت موزة المزروعي الفتاة التي ستصبح يومًا ما أم المسرحيين الإماراتيين، ورائدة من رواد الفن والشّرطة معًا.
كانت طفولتها جميلة كالمكان، لكنها كانت الابنة المدللة في أسرتها؛ يحوطها الحب والرعاية من الجميع، الأمر الذي منحها ثقة مبكرة بنفسها، وشجاعة في التعبير عن آرائها منذ الصغر. درست في مدرسة الخنساء في ديرة، وعرفت طريقها إلى جميرا التي قادت فيها سيارة خالها كي تتعلم مهاراتها رغم صغر سنها.
فكانت من أوائل من وطأن خشبة المسرح، وفي تلك الفترة، بدأت الدولة تخطو خطواتها الأولى نحو تأسيس شرطة نسائية، فانضمت موزة المزروعي إلى صفوفها لتكون ضمن الجيل الأول من المنتسبات، مؤمنة بأن الريادة ليست لقبًا يُمنح، بل خطوة أولى في طريقٍ لم يُمهد بعد.
حين دخلت موزة المزروعي إلى ساحة المسرح، لم يكن هناك جمهور كبير ولا إضاءة فاخرة، بل شغف بسيط يضيء القلوب، في مسرحية “فرح راشد”، وقفت إلى جانب الفنان الراحل زعل خليفة – رحمه الله – ، لتعلن بداية حقبة جديدة في الفن الإماراتي، كانت المرأة الوحيدة بين ثمانية رجال عندما تأسست فرقة المسرح القومي عام 1972 مع ظاعن جمعة وعبيد بن صندل و غيرهم من الروّاد، فكانت نواةً لحركةٍ مسرحية ستزدهر لعقودٍ لاحقة .
ولم تكن تلك المسرحية سوى البداية شاركت في أكثر من 30 مسرحية فمن :” أغنية الأخرس إلى حكيم الزمان “.صنعت المزروعي شخصياتٍ عاشت في ذاكرة الجمهور – شخصياتٍ تمزج بين البساطة والعمق، وبين الطيبة والقوة، وبين الحلم والخيبة .
منذ بدايات انخراط المرأة في ميادين العمل الميداني، كانت موزة المزروعي حاضرة بجهودها وإصرارها، تعمل بإخلاص في مطار دبي وإدارة المرور، وتؤمن بأن خدمة الوطن مسؤولية يشترك فيها الجميع، رجالًا ونساءً. عرفت بشغفها الدائم بالتعلّم والتجربة، وبروحها التي تجمع بين الانضباط والإبداع. فمنذ طفولتها، كان الفن جزءًا من شخصيتها، إذ صنعت أول آلة عود بيديها من جلن بترول، في مشهد يعكس قدرتها على تحويل البسيط إلى جميل، والعادي إلى استثنائي.
سافرت كثيرا مع أسرتها وكانت أول رحلة فتحت لها مدارك الأبداع والفكر ” الهند ” وهي طفلة صغيرة أكتشتف، عالماً واسعًا ألهمها الكثير، لتعود وتصنع عالمها الخاص هنا، على خشبةٍ إماراتيةٍ صغيرة تحولت مع الوقت إلى وطنٍ للفن والإبداع.
قدمت موزة المزروعي خلال مسيرتها الطويلة أعمالًا خالدة رسخت اسمها في ذاكرة الدراما الإماراتية، من المسلسلات :” قوم عنتر، أيام الصبر، سيف نشوان، الدنيا سوالف، عائلة بوغانم، أحلام السنين، نوادر جحا “.
وفي عام 1981 حصلت على أول تفريغ رسمي من وظيفتها لتتفرغ لبروفات المسرح، في عهد الوزير الإعلامي عبدالله النويس، في خطوةٍ اعتُبرت آنذاك سابقة فنية جريئة، وفي العام التالي 1982، شاركت في مسلسل “عائلة بوغانم” من إخراج وتأليف محفوظ المغازي، إلى جانب نخبة من الفنانين مثل سعيد النعيمي ومريم أحمد ومحمد ياسين، وهو عملٌ يُعد من أبرز المحطات التلفزيونية في بدايات الدراما الإماراتية.
ولم تتوقف رحلتها عند المسرح والتلفزيون؛ بل انتقلت إلى شاشة السينما، مشاركةً في أفلام إماراتية وأول فيلم روائي إماراتي ” عابر سبيل ” في العام 1988 للمخرج علي العبدول، وفيلم ” حنين ” 2006 أخراج وتأليف محمد الطريفي. وفي العام 2015 قدمت بطولة الفيلم الإماراتي ” بشكارة ” أخراج وتأليف عبدالله المدني, كما شاركت في بطولة فيلم ” غافة ” العام 2017 أخراج عائشة عبدالرحمن، تأليف أيمان اليوسف، وفيلم ” الجارة ” اخراج نايلة الخاجة، و فيلم ” الشجرة “.
لم تكن الجوائز غايتها، لكنها جاءت تباعًا كتحية امتنان من التاريخ، فقد كرّمت في الكويت عام 1997 كإحدى رائدات المسرح الخليجي، وكرّمها مسرح رأس الخيمة عام ، ومسرح دبي الأهلي ومسرح دبي الوطني ، كما اختارها مهرجان دبي لمسرح الشباب عام 2010 شخصية العام المسرحية، إضافة إلى تكريمها من شرطة دبي تقديرًا لدورها الريادي في تأسيس الشرطة النسائية.
لكن كل تلك الأوسمة لا تلمع مثل عينيها حين تتحدث عن المسرح — عن أول بروفا، وأول تصفيق، وخشبةٍ جعلت منها امرأة لا تُنسى.
من بين الأسماء التي سطعت في سماء الفن الإماراتي، يبرز اسم الفنانة القديرة مريم سلطان، التي تعد واحدة من الرموز الرائدة في تأسيس الحركة المسرحية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وواحدة من المؤسسين الأوائل لمسرح دبي الوطني (الشعبي سابقًا)، الذي كان له دور مهم في انطلاقة المسرح المحلي وتطوره. وقد استطاعت أن تخلد حضورها في ذاكرة الجمهور بأدوارها الصادقة، وأدائها المعبر، وشخصيتها الإنسانية الراقية التي أكسبتها محبة واحترام الوسط الفني والجمهور على حد سواء.
يُعد مسرح دبي الشعبي المعروف حاليًا باسم مسرح دبي الوطني من أبرز الصروح الفنية التي ساهمت في انطلاقة الحركة المسرحية في دولة الإمارات. ومنذ تأسيسه، شكّل المسرح منصة جمعت المواهب الإماراتية الأولى، وكان له دور محوري في ترسيخ قيم الإبداع الفني والعمل الجماعي.
ومن بين الأسماء المؤسسة لهذا الكيان الفني الكبير، تأتي الفنانة القديرة مريم سلطان التي ارتبط اسمها بمسرح دبي الشعبي منذ البدايات، وأسهمت في بناء هويته الفنية من خلال أعمال مسرحية بارزة بدأت عام 1979 بمسرحية «درس من الزمن»، لتتوالى بعد ذلك مشاركاتها في عدد من العروض التي شكّلت علامات في تاريخ المسرح المحلي. كان مسرح دبي الشعبي آنذاك المسرح الوحيد الذي يقدم أربعة أعمال مسرحية في السنة الواحدة، بفضل الجهود الجماعية لأعضائه الذين جمعهم الشغف وحب المسرح، لتنشأ بينهم أجواء من الألفة والتعاون ما تزال حاضرة حتى اليوم.
ومن بين الأعمال التي تركت بصمة كبيرة في ذاكرة الجمهور الإماراتي سلسلة “بو محيوس” التي أدت مريم سلطان بطولتها، وحققت نجاحًا جماهيريًا لافتًا على مستوى المسرح والإذاعة والتلفزيون، من أبرزها:
ولم يتوقف تقدير العطاء عند حدود الماضي، فقد جاء تكريم مسرح دبي الوطني للفنانة مريم سلطان في العام 2011، ليؤكد مكانتها الريادية في مسيرة المسرح الإماراتي. قدّم رئيس مجلس الإدارة الفنان عبدالله صالح للفنانة درعًا وشهادة تقدير تكريمًا لمسيرتها الطويلة في خدمة الفن والمسرح الإماراتي، وإقرارًا بأنها من المؤسسين المخلصين للحركة المسرحية في الدولة.
ولدت مريم سلطان في مستشفى “نعيم” بالمنامة البحرين عام 1950، حيث كانت أسرتها قد استقرت هناك مؤقتًا. لم تدخل المدرسة في البداية بسبب رفض والدتها خوفًا من أن تتعلم الكتابة والمراسلة، فتعلمت عند “المطوع” قراءة القرآن الكريم.
لاحقًا، انتقلت مع والدتها إلى الكويت حيث كان والدها وشقيقها يقيمان هناك. وعندما حاولت والدتها إرسالها إلى “المطوع” لتلقي التعليم، علمت أن الكويت آنذاك لا تعتمد هذا النوع من التعليم التقليدي، بل المدارس النظامية فقط، فدخلت مدرسة عائشة أم المؤمنين في فريج جبلة وهي في التاسعة من عمرها.
بعد سنوات قليلة، عادت مع والدتها إلى البحرين لتكمل دراستها حتى الصف الخامس، ثم تزوجت في سن الرابعة عشرة عام 1964 زواجًا تقليديًا. أنجبت ابنتها الكبرى يسرى، ثم ابنها عادل – رحمه الله، واضطرت للعمل لتعيل أسرتها ووالدتها، فالتحقت بدورة تدريبية في مجال التمريض، ومن ثم استلمت عملها في مستشفى السلمانية بمملكة البحرين واستمرت فيها لفترة طويلة. وتقاضت أول راتب قدره 23 دينارًا ونصف بحريني.
كانت مريم منذ طفولتها شغوفة بالفن والتمثيل، إذ كانت تتسلل إلى دور السينما في البحرين في الأيام المخصصة للنساء الاثنين والخميس، ولصغر سنها كانت رغبتها في الدخول كبيرة، وبطفولتها الشقية كانت تختبئ في عباءات السيدات اللواتي جئن لحضور الأفلام وتدخل بهذه الطريقة، قبل أن يبدأ تلفزيون أرامكو السعودي ببث المسلسلات، فزاد شغفها بالفن أكثر.
قررت مريم سلطان العودة إلى وطنها الإمارات وذلك في العام 1977. وهناك التحقت للعمل في مؤسسة الإمارات للاتصالات (كول سنتر)، كما انضمت للعمل في الشرطة وعُينت برتبة رقيب أول، ثم انتقلت للعمل في وزارة الإعلام والثقافة.
خلال إحدى المكالمات التي أجرتها أثناء دوامها، حدث الموقف الذي غير مسار حياتها بالكامل، حين تواصل معها الصحفي البحريني عبدالله العباسي، الذي كان يعمل في المسرح أيضًا، وعرض عليها فكرة الانضمام إلى فرقة المسرح الوطني للشارقة. وبما أن حب التمثيل كان يسكنها منذ الصغر، وافقت على الفور، لتبدأ من هناك رحلتها الفنية الأولى على خشبة المسرح، وكان اللقاء الأول مع المسرحيين في مقرهم بالقادسية الشارقة.
التحقت بفرقة مسرح الشارقة الوطني، وكان أول عمل لها مسرحية “هارون الرشيد في القرن العشرين” من تأليف عبدالله العباسي وإخراج عارف إسماعيل. تلتها مشاركتها في المسرحية الشهيرة “شمس النهار” من إخراج صقر الرشود، أول مسرحية قدمت على مسرح قاعة أفريقيا في الشارقة وحضرها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، كما بثت المسرحية مباشر عبر تلفزيون أبوظبي في العام 1979.
فيما بعد تم تأسيس مسرح الشارقة الوطني، وخاضت مع زملائها الممثلين دورات مسرحية، تعلموا فيها كتابة النص وفن التمثيل وعمل الديكور وأهمية الإكسسوارات، ومن أبرز الورش التي استفادت منها في بداياتها تلك التي أشرف عليها الممثل والمخرج التونسي “المنصف السويسي” في عام 1982.
بعد ذلك شاركت في مسرحية “الفخ” إخراج إبراهيم جلال، وهي أول مسرحية إماراتية شاركت وعُرضت في مهرجان دمشق المسرحي، وفي ذات العام شاركت في مسرحية “درس من الزمن” إنتاج مسرح دبي الوطني (الشعبي سابقًا) وأخرجها الريح عبدالقادر، وكانت تلك التجربة من أبرز محطاتها الفنية مع المسرح الذي تُعد من مؤسسيه الأوائل، وأسهمت من خلاله في إثراء المشهد المسرحي المحلي.
وفي عام 1983 شاركت في “هالشكل يا زعفران” إنتاج مسرح الشارقة الوطني وإخراج فؤاد الشطي، ومثلت الدولة في أيام قرطاج المسرحية. وفي الدورة الأولى من أيام الشارقة المسرحية 1984،
كما شاركت في عرض “مأساة أبي الفضل” من إنتاج مسرح رأس الخيمة وإخراج مجدي كامل، وهو العرض الذي عدته لجنة التحكيم الأفضل في تلك الدورة، ومثل الإمارات في مهرجان المسرح الجوال بالمغرب في العام ذاته.
وفي الدورة الثانية (1985) شاركت في مسرحية “بائع الدبس الفقير” لفرقة المسرح الحديث بالشارقة، وأخرجها يحيى الحاج، وفي الدورة الثالثة (1986) فازت بأول جائزة عن دورها في مسرحية “م.خ، لعبة الكراسي” لمسرح خورفكان الشعبي، التي أخرجها يوسف خليل، وشاركت لاحقاً في عروض عدة من بينها “مال الله الهجان” للمسرح الحديث في الشارقة وأخرجها حسن رجب.
في العام 1977 وقفت مريم سلطان أمام كاميرا تلفزيون دبي أبيض وأسود، وكان مقره في منطقة القصيص دبي، وآنذاك كان لديهم برنامج اسمه “رسالة” للمخرج المصري سمير أشرف، ورغم أنها وقفت أمام مئات الجماهير على خشبة المسرح، إلا أنها في المرة الأولى أمام كاميرا الدراما شعرت بالخوف ولم تنطق بأي حرف من الرهبة الأولى، لكنها تحدت نفسها وتمكنت من الوقوف أمام الكاميرا بكل قوة وقدمت العديد من المسلسلات التي وصلت إلى 39 مسلسل إماراتي وخليجي.
نظيرًا لموهبتها الفنية والتزامها وإخلاصها في عملها الفني الذي قدمته بكل حب، نالت العديد من الجوائز منها جائزة أفضل تمثيل نسائي دور ثانٍ في مهرجان أيام الشارقة المسرحية، وفي الدورة العاشرة نالت جائزة عن دورها في مسرحية “ما كان لأحمد بنت سليمان” إنتاج المسرح القومي للشباب في دبي، تأليف وإخراج ناجي الحاي وهي أول مسرحية قدمت باللغة العربية في مهرجان “أفينيون الفرنسي”.
المسرح : درس من الزمن، شمس النهار، أبو محيوس في بتايا، بو محيوس في ورطة، بومحيوس97 بومحيوس في المجلس الوطني، حكاية لم تروها شهرزاد، مال الله الهجان، الفريج، الفخ، بدون عنوان، رأس المملوك جابر، عرسان عرايس، هالشكل يا زعفران، مأساة أبو الفضل، هارون الرشيد في القرن العشرين، بائع الدبس الفقير، ما كان لأحمد بنت سليمان، لعبة الكراسي، المفاليس.”
N | الأسم | العام | الأخراج |
1- | تناقضات | ——- | خليل سطاس |
2- | الوهم | 1979 | ——- |
3- | ولدي | 1986 | محمد شرابي |
4- | مهموم عايش فرحان | 1987 | إبراهيم الصايغ |
5- | 29 سالفة وسالفة | 1989 | أمين الطريفي |
6- | سوالف | 1991 | حسن أبو شعيرة |
7- | الناس بيزات | 1993 | إبراهيم الصايغ |
8- | الكشاف | 1995 | سامي الشريدة |
9- | شهريار الفريج ” فوازير “ | 1995 | محسن محمد |
10 – | مرمر زماني | 1996 | نجدة أنزور |
11- | سفينة الاحلام | 1996 | عبدالرحمن المسلم |
12- | أبي عفوا | 1996 | جابر ناصر آل رحمة |
13- | سوالف الدار | 1998 | محمود إبراهيم |
14- | حاير طاير 2 | 2000 | مصطفى رشيد |
15- | حاير طاير 3 | 2001 | علي حسين البلوشي |
16- | مؤامرات عائلية | 2001 | عبدالوهاب الهنديح |
17- | عمى ألوان | 2002 | مصطفى رشيد |
18- | شمس القوايل | 2003 | مروان البغدادي |
19- | حاير طاير 4 | 2005 | عارف الطويل |
20- | أمواج هادئة | 2005 | حسن أبو شعيرة |
21- | فريج ” رسوم كرتونية “ | 2006 | محمد سعيد حارب |
22- | جمرة غضى | 2006 | عارف الطويل |
23- | نعم و لا | 2007 | أحمد يعقوب المقلة |
24- | بنت النور | 2007 | سامر البرقاوي |
25- | ريح الشمال | 2008 | مصطفى رشيد |
26- | حاير طاير 5 | 2008 | عارف الطويل |
27- | حظ يانصيب | 2008 | عارف الطويل |
28- | الداية | 2008 | أياد الخزوز |
29- | أبلة نورة | 2008 | عارف الطويل |
30- | هديل الليل | 2009 | مصطفى رشيد |
31- | عجيب غريب | 2009 | عارف الطويل |
32- | فريج 4 ” مسلسل كرتون “ | 2011 | محمد سعيد حارب |
33- | تصانيف | 2011 | غافل فاضل |
34- | ريح الشمال 3 | 2012 | مصطفى رشيد |
35- | زمان لول | 2013 | بطال سليمان |
36- | زمان الطيببن | 2015 | بطال سليمان |
37- | مكان في القلب | 2016 | سلطان النيادي |
38- | فات الفوت | 2017 | بطال سليمان |
39- | دار الزين | 2018 | عارف الطويل |
كما شاركت في مجموعة من الأفلام السينمائية المحلية وهي :
في تاريخ المسرح الإماراتي، هناك أسماء لا يمكن أن تُختزل في أعمال أو أدوار، بل في ذاكرة كاملة من العطاء. من بين تلك الأسماء، تبرز الفنانة سميرة أحمد، التي لا يمكن الحديث عن المسرح الإماراتي دون أن يُذكر اسمها مقرونًا بـ مسرح دبي الشعبي ذلك البيت الفني الذي احتضنها منذ بداياتها الأولى، فكون ملامحها الفنية وصاغ حضورها الذي امتد لأكثر من أربعة عقود.
سميرة أحمد.. من الضغاية إلى أضواء المسرح
في عام 1963، ولدت سميرة أحمد في فريج الضغاية في ديرة دبي، حيث كانت الحياة تنبض ببساطتها، والبيوت متقاربة كأنها قلب واحد. في تلك الأزقة التي تعلّمت فيها الدهشة الأولى، بدأت حكاية فتاةٍ ستصبح لاحقًا واحدة من أبرز وجوه الفن الإماراتي.
قلب الفريج
في تلك الفترة، كان بيت عائلتها يقع في وسط الفريج، قرب المكان الذي تأسست فيه جمعية دبي للفنون الشعبية والمسرح. كانت تسمع أصوات الشباب يتدربون في مسرحٍ مفتوح في الهواء الطلق، أصواتًا مليئة بالحماس والضحك، تستفز فضولها وتشعل شغفها. وفي يومٍ من الأيام، لم تستطع المقاومة؛ ذهبت برفقة صديقتها بدافع الفضول لمعرفة ماذا يحدث، واقتربت من المسرح، ففتحت الباب لتجد المخرج الراحل إسماعيل محمد يسألها بابتسامة تريدون التمثيل وعلى الفور وافقت.
ومن تلك اللحظة، انفتح باب الفن على مصراعيه أمام سميرة أحمد، ولم يُغلق بعدها أبدًا. هكذا بدأت مسيرة فنانةٍ صنعت لنفسها مكانًا في ذاكرة المسرح الإماراتي، امرأة تحدّت التقاليد، آمنت بموهبتها، وسارت بخطى ثابتة من فريج بسيط في ديرة إلى منصات الإبداع العربي.
تجارب
منذ شبابها، كانت سميرة تمتلك روحًا طموحة لا تعرف التردد. مع بداية الثمانينيات، التحقت بالعمل في الشرطة، تجربة شكلت جانبًا من شخصيتها المنضبطة والواثقة، لكنها لم تستمر أكثر من عام. ففي موازاة عملها، كانت تجد نفسها مشدودة إلى الخشبة، إلى الضوء والتمثيل، إلى عالمٍ آخر لا يُقاس لحبها للفن، بل بالإحساس والإبداع. وعندما خيرت بين الشرطة والتمثيل، اختارت التمثيل دون تردد، وكأن القدر كان يُمهّد لها الطريق الذي خُلقت لتسير فيه.
كما عملت أيضا في تلفزيون دبي عندما اعلنوا عن حاجتهم لمذيعات إماراتيات، لتتوجه إلى المكان وتقدم أوراقها مباشرة إلى مكتب سمو الشيخ حشر بن مكتوم آل مكتوم، ليفتح لها الباب، وقبلت مباشرة. كانت تلك خطوة جديدة في رحلة لا تعرف التوقف. عملت كمذيعة وقدمت برنامج ” أطفال الخير “ على شاشة تلفزيون دبي.
لكن حبها للمسرح ظل يناديها من بعيد، فتركت التلفزيون والإذاعة، وانتقلت إلى وزارة الثقافة، حيث كان يجري تأسيس قسمٍ خاص بالمسرح، يهتم بالفنانين المسرحيين ويدعم خطواتهم.
معلومة سريعة
وقفت الفنانة سميرة أحمد للمرة الأولى أمام كاميرا الدراما عبر مسلسل ” عائلة بوناصر ” تلفزيوني أبو ظبي وكانوا يبحثون عن فتيات إماراتيات للمشاركة في العمل، أقترحت أسمها الفنانة موزة المزروعي من الأسماء التي كانت في بدايتها بالمسرح، وكان للفنانة موزة المزروعي دور جميل في دعم مسيرة سميرة احمد وأقناع عائلتها بمشاركتها في هذا العمل. وبالفعل شاركت فيه وكان الفنان الراحل سعيد النعيمي يجسد شخصية والدها والفنانة موزة المزروعي والدتها.
عاشقة الورد
تحب الفنانة سميرة أحمد الورد كثيرًا، وتعتبره رمزًا للجمال والهدوء. ترى أن الورد يشبه الفن في قدرته على لمس القلوب دون كلمات، وأن ألوانه تعكس تنوّع المشاعر التي يعيشها الإنسان. وجود الورد حولها يمنحها طاقة إيجابية وشعورًا بالراحة، لذلك تحرص دائمًا على أن يزيّن الورد حياتها كما يزيّن الفن مسيرتها.
من الخشبة إلى الوجدان
لم تكن سميرة أحمد مجرد ممثلة تبحث عن الشهرة، بل كانت صوتًا فنيًا نابعًا من الخشبة التي حملت هموم الناس وضحكاتهم. منذ انضمامها إلى مسرح دبي الشعبي في نهاية السبعينيات وتحديدا في العام 1977، أدركت أن المسرح ليس هواية عابرة، بل التزام ومسؤولية. هناك، بين أروقة المسرح ، تعلمت معنى الالتزام بالعمل الجماعي، والانصهار في روح الفريق، واحترام النص والجمهور والرسالة.
كانت تلك الفترة، التي يمكن اعتبارها “المرحلة الذبية للمسرح الإماراتي”، حافلة بالتحدي. لم تكن الإمكانات التقنية متوفرة، لكن الإصرار كان أكبر من أي عائق. ومع زملائها من المسرح، قدّمت سميرة أحمد عروضًا تركت بصمتها في الوجدان الإماراتي، عروضًا تلامس المجتمع بصدق، وتنتقد الواقع بلغة فنية ذكية، دون أن تفقد حسها الشعبي والإنساني.
ومن أهم المسرحيات التي قدمتها في بداياتها الفنية :
قدمت هذه المسرحية في العام 1978 مع فريق التمثيل في جمعية دبي للفنون الشعبية، للكاتب البحريني فؤاد عبيد، وإخراج إسماعيل محمد إسماعيل.
مسرح دبي الشعبي .. الجامعة الفنية
حين نتحدث عن مسرح دبي الشعبي ” الوطني ” ، فإننا نتحدث عن أكثر من مجرد فرقة مسرحية؛ إنه ذاكرة جماعية، ومساحة تأسيسية لعدد كبير من الفنانين الذين حملوا على أكتافهم حلم المسرح الإماراتي.
وبالنسبة إلى سميرة أحمد، كان هذا المسرح بيتًا، ومدرسة، وجامعة فنية مفتوحة. كانت تراه “مكانها الطبيعي”، المكان الذي تتنفس فيه فنًّا وتعبّر من خلاله عن المرأة الإماراتية، وعن قضايا الناس ببساطة وعمق في آن واحد. لقد شكل مسرح دبي الشعبي وجدانها الفني منذ أول لحظة، ورافقها في كل مرحلة من مسيرتها، حتى حين اتجهت نحو الدراما التلفزيونية . التي قدمت فيها 38 مسلسل محلي :
N | المسلسل | العام | الأخراج |
1 | فايز التوش | 1985 | أبراهيم الصايغ |
2 | إليكم مع التحية | 1986 | حمدي فريد |
3 | التائهة | 1987 | وجيه الشناوي |
4 | سيف نشوان | 1990 | محمد الدوسري |
5 | تناتيف | 1990 | عبدالمجيد الرشيدي |
6 | حلم شهريار | 1992 | عبدالمجيد الرشيدي |
7 | الوريث | 1992 | علي الحمادي |
8 | السر في بير | 1993 | علي التميمي |
9 | عفوا سيدي الوالد | 1994 | علي الحمادي |
10 | أبي عفوا | 1995 | جابر ناصر آل رحمة |
11 | جميلة | 1995 | سامح عبدالعزيز |
12 | عيني يا بحر | 1995 | عبدالمجيد الرشيدي |
13 | البيوت أسرار | 1996 | جابر ناصر آل رحمة |
14 | عجايب زمان | 1996 | أمير الشايب |
15 | حتى أشعار أخر | 1997 | علي الحمادي |
16 | أحلام السنين | 1998 | علي أبو سيف |
17 | بنت الشمار | 1999 | حسن أبو شعيرة |
18 | خليل في مهب الريح | 1999 | أبراهم الصايغ |
19 | الكفن | 2001 | حسن أبو شعيرة |
20 | عمى ألوان | 2002 | مصطفى رشيد |
21 | حكم البشر | 2002 | أحمد يعقوب المقلة |
22 | شمس القوايل | 2003 | مروان البغدادي |
23 | الدريشة | 2005 | مصطفى رشيد |
24 | حاير طاير 4 | 2005 | عارف الطويل |
25 | جمرة غضى | 2006 | عارف الطويل |
26 | بنت النور | 2007 | سامر البرقاوي |
27 | وجه آخر | 2007 | بسام سعد |
28 | همس الحراير | 2007 | عارف الطويل |
29 | نص درزن | 2008 | عمار رضوان |
30 | أحلام سعيد | 2010 | حماد الزعبي |
32 | بنات أدام | 2010 | أحمد يعقوب المقلة |
33 | بنات شما | 2010 | عادل شمس |
34 | الغني والبخيل | 2011 | محمود الدوايمة |
35 | زمان لول | 2013 | بطال سليمان |
36 | سراي البيت | 2014 | حسين آبل |
37 | غمز البارود | 2016 | مصطفى رشيد |
38 | طوق الحرير | 2023 | أحمد يعقوب المقلة |
لم تقتصر مشاركات الفنانة سميرة أحمد على المسرح والدراما، بل كان لها مشاركات عديدة في الدراما الأذاعية التي كانت آنذاك من أهم الأعمال التي جذبت مسامع الجمهور المحلي والعربي. وفي ارشيف مسيرتها في الدراما الإذاعية قدمت :
حظيت سميرة أحمد بتقدير كبير من قبل الجمهور والنقاد على حدٍ سواء، ونالت العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لإبداعاتها الفنية، منها:
صرحت الفنانة سميرة احد في لقاءاتها التلفزيونية أن لقب ” سيدة المسرح الإماراتي ” أطلقه عليها الصحفي مصطفى غزال، بعد حصولها على جائزة أفضل تمثيل نسائي في مهرجان قرطاج تونس العام 1986
ولم تقتصر إنجازات سميرة على الجانب الفني فقط، بل تعرف أيض أيضا بمواقفها الداعمة للمرأة العربية وحرصها على تسليط الضوء على قضاياها.
في سيرة الفنانة الإماراتية سميرة أحمد، نجد قصة فنانة لم تكتفِ بالتمثيل، بل آمنت بأن المسرح جزء من رسالتها في الحياة. لقد نشأت في مسرح دبي الشعبي، ومنه انطلقت إلى كل ما وصلت إليه من تقدير واحترام، لكنها ظلت وفية له، تذكره في كل حوار، وتعود إليه كلما أرادت أن تتذكر من أين بدأت الرحلة. إنها واحدة من أعمدة هذا المسرح، وصوته النسائي الأصيل الذي حمل شعلة الإبداع في وقت كانت فيه الطريق شبه خالية، فصنعت من الخشبة وطنًا للفنّ والإصرار.
في ذاكرة الفن الإماراتي، هناك أسماء ولدت من ضوء الصدق، وخلّدت حضورها بالكلمة والموقف.
ومن بين هذه الأسماء، يسطع اسم سالم الحتاوي، الكاتب والأديب والمسرحي الذي لم يكن مجرّد فنان عابر، بل كان ضميرًا ناطقًا بلغة الناس البسطاء، ومرايا صافية لوجوه الوطن. كان الحتاوي يكتب كما لو أنه يعيش كل شخصية من شخوصه.، كان يشعر بالناس، ويتنفس نبض الشارع، ويستمع إلى حكايات الجدّات، ثم يحوّلها إلى نصوص تُبكي وتضحك وتُفكّر. آمن أن المسرح رسالة، وأن الفن طريق لتنوير العقول، فكان قلمه سلاحه، وصوته امتدادًا لقلوب كل من أحبوا هذا الوطن.
رحل جسدًا، لكنّ حكاياته بقيت تنبض بالحياة.
كل كلمة كتبها صارت نجمة في ذاكرة المسرح، وكل عمل تركه صار شاهدًا على موهبة لا تتكرر، وعلى إنسان أحبّ الحياة والناس بصدقٍ نادر.الطفولة والبدايات: بين حكايات الجدة وأحلام الطفل
وُلد سالم الحتاوي عام 1963، في زمنٍ كانت فيه الفرجان القديمة في الإمارات نابضة بالحياة والدفء والتواصل الإنساني. نشأ في بيئة بسيطة مترابطة، حيث يعرف الجار جاره، وتُروى القصص على ضوء القمر بين الناس. ومنذ نعومة أظفاره، كان سالم مولعًا بسماع القصص الغريبة والعجائب التي كانت الأمهات والجدّات يروينها في الليل، قصصًا تملؤها الغرابة والسحر والغموض.
عاش سالم طفولته في كنف جدته سعيدة، تلك المرأة التي احتضنته بكل حنان، وكانت أول من زرع فيه حب الحكاية. كانت تروي له قصص أم الدويس وحكايات عن الجنّ والمجهول، قصصًا مفعمة بالتشويق والرعب والأسطورة. ومع الوقت، لم يعد سالم مكتفيًا بالاستماع؛ بل بدأ يتأمل هذه الحكايات، يعيشها في خياله، ثم يخلق قصصًا من ابتكاره، يرويها لأصدقائه وأقرانه بأسلوب طفولي جذّاب يدل على فنان قادم من بعيد.
في المدرسة، برع في كتابة التعبير القصصي. كان معلموه يندهشون من خياله الواسع وقدرته على نسج الحكايات التي تتجاوز عمره. ومنذ تلك اللحظة، بدأت مواهب الكتابة تتفتح داخله كزهرة لا تعرف التوقف.
من الفرجان إلى العالم
بعد أن أنهى دراسته الثانوية، قرر سالم الحتاوي أن يخوض تجربة جديدة تمامًا. وفي عام 1984، سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليدرس هندسة علوم الطيران، دون أن يعلم أن تلك الرحلة ستكون نقطة التحول الكبرى في مسيرته الإنسانية والفكرية.
في أمريكا، اكتشف الحتاوي عالمًا واسعًا من الفكر والثقافة والأدب.، قرأ المئات من الكتب والروايات العالمية، واطّلع على تجارب أدباء ومسرحيين من الشرق والغرب، وانفتح على مدارس فكرية متنوعة.
كان يقرأ بنهمٍ شديد، وكأن كل صفحة تفتح له نافذة جديدة على الحياة.
أصبح مولع بالمعرفة، يحضر الجلسات الأدبية والنقاشات الثقافية، ويغوص في عوالم الأدب والفكر والفن، هذه التجربة العميقة كوّنت لديه رؤية إنسانية شاملة، ووسّعت خياله بشكل غير مسبوق.
فعاد إلى الوطن وهو يحمل في داخله شغفًا أكبر من كل ما كان يعرفه، وعقلاً متقدًا لا يهدأ ولا يكتفي.
الحلم يبدأ من دبي
بعد عودته من الولايات المتحدة، لم يتجه الحتاوي إلى مجال دراسته الأكاديمية، بل استجاب لنداء القلب والموهبة. انضم إلى مسرح دبي الشعبي، وهناك بدأت رحلة جديدة مليئة بالشغف والإصرار والعطاء. كان حاضرًا في جميع الفعاليات الفنية والثقافية والمسرحية، مؤمنًا أن المسرح هو البيت الذي يحتضن كل الفنون.
في تلك الفترة، كتب أول نصين مسرحيين له: “قضية بو خلف” و**”أحلام مسعود”**، اللذين شكّلا البداية الفعلية لمسيرته الأدبية.
غزارة الإبداع
كان سالم الحتاوي يسابق الزمن في الكتابة لم يعرف التوقف، ولم يرضَ إلا بالكمال في نصوصه.
كتب العشرات من المسرحيات والأعمال التلفزيونية والسينمائية، لكن المسرح كان الأقرب إلى قلبه، لأنه المكان الذي يتحدث فيه الإنسان بصدقٍ إلى الإنسان.
كتب أكثر من 30 مسرحية، تناول فيها مختلف القضايا الاجتماعية والإنسانية. كانت أول مسرحية قدّمها للجمهور هي “أحلام مسعود” عام 1994 ضمن أيام الشارقة المسرحية. ورغم أنها كانت تجربته الأولى، إلا أنها تفوّقت على كل العروض المشاركة في المهرجان، وحصلت على جائزة أفضل نص مسرحي، معلنة ولادة كاتبٍ استثنائي.
أدرك الحتاوي منذ بداياته أن المسرح ليس للتسلية فقط، بل أداة للتنوير والتغيير. فكتب نصوصًا جسّدت قضايا المجتمع الإماراتي بكل عمقها، مثل: الياثوم”، “أرض الخير”، “صمت القبور”، “جنون البشر”، ” عرج السواحل ” .
كما لم يكتفِ باللهجة المحلية، بل كتب أيضًا مسرحيات باللغة العربية الفصحى، مثل مسرحيته الشهيرة “الجنرال” التي تميّزت بقوتها الفكرية ورمزيتها السياسية والاجتماعية. ولأنه كان يؤمن بأن الفن يجب أن يزرع الوعي منذ الصغر، كتب أيضًا أعمالًا للأطفال مثل : ” أرض الخير، مملكة السلام “، ليغرس في الجيل الجديد قيم المحبة والانتماء والخير.
من الخشبة إلى الشاشة
بعد أن أثبت نفسه كأحد أبرز كتاب المسرح في الإمارات، اتجه الحتاوي إلى الدراما التلفزيونية، باحثًا عن مساحة أوسع لتصل كلمته إلى كل بيت. وفي عام 1999 كتب مسلسله الشهير “بنت الشمار”، الذي تناول حياة الرجل البسيط الذي يعمل في ترقيع النعال في الأسواق القديمة، والمعروف بـ”الشمار”.
من خلال هذا العمل، عاد الحتاوي بالناس إلى مجتمع ما قبل النفط، إلى تلك الأيام التي كانت فيها البيوت تسكنها الأساطير والكلام والحكايات الشعبية. تحدث عن التحولات الاجتماعية مع اكتشاف النفط، وكيف غيّر هذا الاكتشاف نظرة الناس إلى الرزق والعمل. كان العمل تحفة إنسانية واجتماعية كشفت عن عمق رؤيته وقدرته على تصوير التفاصيل الأصيلة في حياة المجتمع الإماراتي.
ثم كتب مسلسل “الكفن” الذي جمع فيه معظم الفنانين الإماراتيين، مقدّمًا دراما غنية بالقيم والرموز.
لكن المسلسل الذي صنع شهرته الأوسع كان “الوجه الآخر”، الذي حقق نجاحًا كبيرًا على المستويات المحلية والعربية والخليجية. تناول المسلسل قصة محامٍ بارع يستغل خبرته القانونية ليحوّل الباطل إلى حق، ضاربًا بالقيم عرض الحائط، في نقدٍ جريء للفساد الأخلاقي والاجتماعي. كان هذا العمل بمثابة رسالة مفتوحة من الحتاوي إلى المجتمع: أن العدالة لا تُقاس بالقانون فقط، بل بالضمير الإنساني.
الصوت الذي لا يغيب
لم يتوقف إبداعه عند المسرح أو التلفزيون. كان يؤمن بأن الفن رسالة أينما وصل صوته، لذلك كتب أيضًا مجموعة من المسلسلات الإذاعية التي قدّمها عبر إذاعة دبي، من أبرزها : سرور وجمعان،مساكم الله بالخير، وجدتي أم الخيرالتي لاقت صدى واسعًا بين المستمعين لما تحمله من دفء وصدق وبساطة.
حياة قصيرة وأثر خالد
رغم أن مسيرته الفنية لم تتجاوز خمسة عشر عامًا، إلا أن ما قدّمه سالم الحتاوي يعادل حياة كاملة من الإبداع. كتب خلال هذه الفترة أكثر من 30 نصًا مسرحيًا، و6 مسلسلات تلفزيونية، و6 مسلسلات إذاعية.كان غزير الإنتاج، سريع الإلهام، وكأن الإبداع كان يجري في عروقه بلا توقف. لم يعرف الكسل ولا التردد، وكان يرى في كل عملٍ جديد تحديًا ومسؤولية تجاه جمهوره ووطنه.
ترك الحتاوي وراءه إرثًا فنيًا ضخمًا يدرّس للأجيال القادمة، إذ جسد في أعماله نبض الإنسان الإماراتي، وصوّر مجتمعه بصدق، وعالج قضاياه بشجاعة وحكمة. كان صوته من أصوات الريادة في المسرح الخليجي، وكلماته من أجمل ما كُتب على الخشبة في الإمارات.
تكريم الذاكرة
لقد كان سالم الحتاوي أحد أبناء مسرح دبي الوطني الأوفياء، عضواً فعّالاً ومحبًا، قدّم للمسرح عمره وجهده وفكره. ومن خلال هذا التقرير، يستذكر مسرح دبي الوطني بفخر واعتزاز سيرة هذا الرجل الذي علّمنا أن الكلمة الصادقة تبقى، وأن الفن رسالة لا تموت.
رحم الله سالم الحتاوي، الذي كتب بحبر القلب، وترك لنا ما يجعلنا نؤمن أن الحكاية الجميلة لا تنتهي… بل تعيش في ذاكرة المسرح، كما يعيش هو في ذاكرة الوطن.